السبت، 25 سبتمبر 2010

فتوى في ضرورة مقاطعة نصارى مصر

بسم الله الرحمن الرحيم

الحركة السلفية من أجل الإصلاح ( حفص )

التاريخ: الإثنين 17 شوال 1431 هـ

26سبتمبر 2010 م

رقم البيان 1331

فتوى في ضرورة مقاطعة نصارى مصر وإظهار العداوة لمن تمالأ مع أبناء ملته على الطعن

في دين الإسلام وفتنة المسلمين الجدد عن دينهم

الحمد لله الذي قدر فهدى ، والصلاة والسلام على خير من أرشد ودعا وجاهد وناجز العِدا، وبعد:

فإن علاقة المسلم بغيره من المخلوقات مضبوطة بالشرع الإسلامي المطهَّر، لا يجوز له أن يتجاوزه، فما بينه وبين الخلق مسلمِهم وكافرِهم يجب أن يكون على الوجه الذي يُرضي الله تعالى، قال الله تعالى: قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (162) لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ . قال ابن الجوزي في زاد المسير : للمفسرين في معناه قولان:أحدهما : أن معناه : لا يملك حياتي ومماتي إلا الله .والثاني : حياتي لله في طاعته ، ومماتي لله في رجوعي إلى جزائه ، ومقصود الآية : أنه أخبرهم : أن أفعالي وأحوالي لله وحده ، لا لغيره كما تشركون أنتم به .أهـ

وإذا طرأ على حياة المسلم شيءٌ من تصاريف الدنيا وجب عليه الرجوع للشرع ليعرف حكم الله تعالى في هذا الطارئ وليتصرف على وَفقه ويلتزم حدودَه، ولو أن المسلم أسلم القياد لشهواته وأهوائه في ترك ما شاء وإتيان ما شاء لم يكن مسلما كامل الإسلام بل انقدح عقد إسلامه بطاعة هواه، واتباع الهوى هو أول ما عصى به إبليسُ ربَّه حين أمره بالسجود وأبى فكان من الكافرين.

ومما يجب تنبيه المسلمين إليه في هذه الأعصار ضبط علاقتهم بالكفار والمشركين والمحادين لله ورسوله وللإسلام والمسلمين، إذْ رأينا تهاون الكثير من المسلمين، خاصهم وعامهم، في التزام شرع الله تعالى فيما يجوز وما لا يجوز مع هؤلاء.

وتأكد الكلام في هذا العصر بعد تمالؤ الكثير من الكفار والمشركين على الجهر بمعاداة الإسلام وأهله والطعن في شرائعه وأحكامه والاستهزاء بمقدساته ومحكماته.

وقد رأينا إساءة الدانمارك للنبي صلى الله عليه وسلم ثم طعونات بابا الفاتيكان السابق والحالي في الإسلام وفي النبي صلى الله عليه وسلم، وفي هذه الأيام أواخر عام 1431 هـ رأينا طعن قساوسة مصر في دين الإسلام وممالأة عوامهم لسادتهم وكبرائهم، وآخر ذلك طعن الأنبا (بيشوي) الرجل الثاني في الكنيسة القبطية في القرآن الكريم وزعمه أن الآيات التي فيها طعن في المسيحية تم زيادتها في عصر عثمان بن عفان.

ولما توالت هذه الإساءات والطعونات في دين الإسلام من قبل هؤلاء الكفار والمشركين لزم على أهل العلم نصح المسلمين خاصهم وعامتهم فيما يجب عليهم تجاه هذه النازلة.

وقد بين الله تعالى في كتابه الكريم حكم الناقضين للعهود من الكفار و المشركين فقال: وَإِنْ نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَطَعَنُوا فِي دِينِكُمْ فَقَاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لا أَيْمَانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنْتَهُونَ (التوبة 12) قال ابن جرير في قوله(وطعنوا في دينكم) : أي قدَحوا في دينكم الإسلام.

وقال البغوي في تفسيره : فهذا دليل على أن الذمي إذا طعن في دين الإسلام ظاهرا لا يبقى له عهد.

وقال ابن كثير: (وطعنوا في دينكم) أي عابوه وانتقصوه. ومن هاهنا أُخذ قتل من سب الرسول، صلوات الله وسلامه عليه، أو من طعن في دين الإسلام أو ذكره بتنقص .أهـ

وقال ابن قيم الجوزية في أحكام أهل الذمة : فأمر سبحانه بقتال من نكث يمينه، أيْ عهدهَ الذي عاهدنا عَليه من الكَف عن أذانا والطعن في ديننا، وجعل علة قتاله ذلك. وعطف الطعن في الدين على النكث بالعهد وخصه بالذكر بياناً أنه من أقوى الأسباب الموجبة للقتال، ولهذا تُغَلَّظُ على صاحبه العقوبة،وهذه كانت سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإنه كان يُهدر دماء من آذى اللَه ورسوله، وطعن في الدين، ويمسك عن غيره.أهـ

وقد تُركت كثير من أحكام الإسلام في عصرنا خاصة فيما يتعلق بغير المسلمين كجهاد الطلب والجزية ونحو ذلك، وصار بقاء المشركين في بلاد المسلمين يشوبه تخلُّف تلك الأحكام وعدم تطبيقها، فلما انضاف إلى ذلك طعن أولئك المشركين في الإسلام مع بقائهم في بلاد المسلمين صار هذا كالنازلة التي ليس لها ذكر في كتب الفقهاء، وإن كانوا قد نصوا على نقض عهود المشركين بطعنهم في الدين وأوجبوا قتالهم أو إخراجهم من بلاد المسلمين، ولكنهم لم يذكروا كيفية التصرف مع المشركين إذا طعنوا في دين الإسلام حال كونهم لا يدفعون الجزية أصلا ولم يذكروا للمسلمين ما يجب عليهم في زمان ضعفهم وقلة حيلتهم.وكل هذا نشأ عن تغييب أحكام الشريعة وعدم وجود من يُقيمها ويُنفذها بين الناس.

وإذا كان الحكم الواجب في المشركين الطاعنين في دين الإسلام أن يُقتلوا، فإن إقامة هذه العقوبة عليهم في هذه الأزمنة عسير، والسعي فيه يتضمن مخاطرة لعامة المسلمين، دع عنك حكام المسلمين لأننا قد يئسنا أن يكون منهم ذابا عن دين الله فاديا له بدمه وماله.

ومع عسر إقامة عقوبة القتل على المشرك الطاعن في الإسلام فإن ما دون هذه العقوبة ميسور مقدور عليه ، وقد قال الفقهاء: إن الميسور لا يسقط بالمعسور ، أي أن ما يستطيع فعله المكلف يجب عليه أن يفعله ولا يحتج في إسقاط الميسور المقدر عليه بالمعسور المعجوز عنه.

إذا تقرر هذا فإن كل ما من شأنه إلحاق الضرر والعقوبة بالطاعنين في الإسلام لازم ومتعين، ومن ذلك مقاطعة اقتصادهم وتجاربتهم والتعامل معهم بل وهجرهم وعدم الحديث معهم ولا مؤاكلتهم أو مشاربتهم وطردهم من مجالس المسلمين وعدم التعاون معهم في قليل أو كثير.

فهذا أقل ما يجب أن يفعله المسلم تجاه من علم أنه يطعن في دين الله، ولا يحل له أن يعلم أن أحدا يطعن في دين الإسلام علنا وينقض عهوده للمسلمين ثم هو يؤاكله ويشاربه ويجالسه ويتودد إليه ويشاركه في تجارة أو مصلحة أو غنيمة .

وبناء على ذلك فإننا نفتي بحرمة التعامل مع نصارى مصر ونوجب مقاطعتهم والاستعلان بهجرهم في كل شأن من الشئون وعدم توليتهم أي أمر من أمور المسلمين ، كما نفتي أن من علم أن أي نصراني لا يستعلن بمخالفته لأهل ملته من الطاعنين في الإسلام فإنه يكون كالطاعن ، فيجب هجره على كل حال.

ويجب على كل مسلم يغار على حرمات الله وآياته وحدوده ويُعظّم كتابه وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم أن يكون له دور في منابذة هؤلاء الطاعنين في دين الله ومناجزتهم ورد كيدهم وطعنهم في نحورهم ونصرة دين الله وتعظيم شعائره.

فمن عَلم من المسلمين أن قساوسة الأقباط في مصر يطعنون في دين الله ويقدحون في الإسلام ويحبسون المسلمين الخارجين من ملتهم ويفتنونهم عن دينهم وجب عليه أن يكون له دور في ردع أتباع هذه الملة بما يستطيع من عزم وقول وفعل.

وأقل ما يستطيعه المسلم ألا ينفعهم في تجارة أو معاملة، ولا يوسع عليهم في مجلس أو لقاء، بل يضطرهم إلى أضيق الطرقات والمجالس، ويُنزلهم بما يليق بهم من منازل الضعة والذلة والصغار، فإن حق هؤلاء أن يقتلوا أو يُخرجوا من بلاد المسلمين، فلو حيل بيننا وبين إنزال حكم الله فيهم فلا أقل من أن نُظهر لهم البغض والعداوة والمقت لجهرهم بالطعن في دين الله والقدح في عقائد الإسلام وشعائره.

وبهذه المناسبة نذكّر المسلمين جميعا بقول الله تعالى : لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آَبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (المجادلة 22) ، فنفى الله الإيمان عمن يوادون من حاد الله ورسوله، والطاعن في القرآن كالأنبا بيشوي والطاعن في رسول الله صلى الله عليه وسلم كبطرس وغيره والذي يفتن المسلمين عن دينهم كراهبهم الأكبر شنودة يجب أن يكون على صفة المحادة لله ولدينه ولرسوله صلى الله عليه وسلم ، ويجب أن ينزع المسلمون عن قلوبهم أي مودة تجاههم، وهذا يقتضي بغضهم والبراءة منهم وعدم توليهم في صغير أو كبير، كما يقتضي المظاهرة عليهم وإظهار المقت لهم ومقاطعتهم في التجارات والمعاملات وفي كل أوجه النفع والمصلحة .

وهذه الأحكام التي قررناها في هذه النازلة بقيودها وأقمنا عليه الأدلة من الكتاب والسنة وكلام العلماء والأئمة لا يخالف فيها أحد من عامة المسلمين فضلا عن خاصتهم، وإنما عجز الكثير من العامة والخاصة عن الجهر بها وتذكير الناس بما فيها بسبب تسلط الظلمة والطغاة على أهل العلم ومنعهم من الجهر بكلمة الحق، لذلك نؤكد ونكرر أن هذه الأحكام تتفق عليه كل المرجعيات الإسلامية، ومن العلماء الصادعين والمرجعيات الإسلامية من ذكرها في فتاواهم وبياناتهم ،ولو ذكرت غير ذلك أو خفَّفت من بعض الأحكام فهو ناتج عن ضغوط الحكام الظالمين على العلماء، فنعذرهم في ذلك ونحرّضهم على الجهر بالحق بين ظهراني الحكام والمحكومين وألا يكتموا ما علمهم الله وآتاهم من فضله.

وفي الختام نستحضر قَولَة عبد الملك بن حبيب القرطبي فقيه الأندلس حين سب بعض النصارى دين الله( كما في ترتيب المدارك) : سب رباً عبدناه، إن لم ننتصر له إنا لعبيد سوء.

فنسأل الله تعالى أن يجعلنا من خيار عبيده الذين ينصرون دينه وأولياءه ويقومون بما يجب عليهم من إعلاء كلمته وتعظيم شعائره والذب عن الدين وحياض الملة وصيانة الشريعة والمجاهدة في سبيل إعزاز الإسلام والمسلمين.

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .

رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ

الأمين العام للحركة السلفية من أجل الإصلاح ( حفص )

رضا أحمد صمدي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق