الأحد، 28 نوفمبر 2010

حول الانتخابات النيابية المصرية 2010م وما سيترتب عليها (البيان الثاني)

بسم الله الرحمن الرحيم
الحركة السلفية من أجل الإصلاح (حفص)
التاريخ: الإثنين 23 من ذي الحجة 1431 هـ
29 نوفمبر 2010 م
رقم البيان 2031

حول الانتخابات النيابية المصرية 2010م وما سيترتب عليها
(البيان الثاني)

الحمد لله الذي نصر دينه بأنبيائه وأوليائه، والصلاة والسلام على إمام جنده ونصرائه، وبعد:

فبعد أن وضعتْ معركة انتخابات مجلس الشعب المصري لعام 2010م أوزارها، ورأى العالم كله ما احتف بها من مؤثرات ومقاصد وظروف فقد آن للعقلاء أن يركنوا إلى منطق الحجة ويتفكروا في مآلات الحادث حتى تستبين السبيل الصحيحة التي يجب على المؤمنين أن يسلكوها.

والحركة السلفية من أجل الإصلاح (حفص) قد تابعت عن كثب كل فعاليات هذه الانتخابات مع ما اقترن بها من حادثات على الصعيد الديني والسياسي والاقتصادي والاجتماعي وترى أنه من الضروري بمكان أن تُذكِّر الأمة جماعات وأفرادا وخاصة إخوتنا المسلمين في مصر ببعض الضروريات التي يتوقف عليها الحياة الكريمة لكل الناس في هذه الأرض:

الأول: قد بات واضحا أن كثيرا من شأننا السياسي يكاد يستبعد أي بُعد ديني إسلامي، كما بات واضحا أن أي عملية سياسية لا تقوم على أي أسس إسلامية يمكن أن تكتسب من خلالها الشرعية المطلوبة في مجتمع يدين أغلبيته بالدين الإسلامي الذي هو نظام حياة المسلمين، وعليه: فإن مواقف كثير من التيارات التي قاطعت هذه الانتخابات أصبحت تكتسب زخما ووجاهة بين كل طبقات المجتمع المسلم، وصارت حجتها متداولة على كل المستويات، وصار من الواضح أن هناك عملية بحث قوية عن بدائل للتغيير تتجاوز هذا الزخم السياسي المصطنع الذي لا يمثل أي ثوابت تخص أو تهم الأمة. والحركة السلفية من أجل الإصلاح تتفهم مواقف المقاطعين لهذه الانتخابات والمبنية على أسس شرعية وحجج مبنية على التجارب التاريخية لكنها في النفس وقته تتعاطف مع حجج الذي أبوا إلا الانخراط في هذه العملية قياما بواجب نصرة الشريعة وتخص منهم جماعة الإخوان المسلمين التي أكدت في بياناتها على إنجازات أعضاء مجلس الشعب الفائت من جماعة الإخوان وطموحات المرشحين في المجلس القادم الهادفة لاستبدال القوانين الإسلامية بالمخالفة للشريعة، ومعارضة كل ما يتضاد مع الشرع الإسلامي؛ ما أعطى سعيهم في الترشح لهذه الانتخابات وجاهة ومقبولية.

الثاني: إذا ضممنا وقائع المشهد السياسي في مصر بعضها إلى بعض استطعنا أن نستجلي كيانا حاكما مهيمنا على الأوضاع لا يختلف كثيرا عن الكيان الحاكم الجاثم على أنفاس الشعب المصري منذ اعتلاء محمد علي عرش مصر مرورا بأبنائه الظلمة الذين استقووا بالغرب الكافر واقترضوا منه على ذمة الشعب المصري أموالا طائلة آلت به ليكون مُستعمَرا لمدة مائة عام تحت العسف الاستعماري الجائر وانتهاء بالضباط الأحرار الذين أقاموا نظام حكم يستعمل كل سلطاته ليبقى الشعب مهمشا لا قيمة له ولا معنى للحياة عنده، وإزاء هذا المشهد الأليم تبدو لنا العملية الانتخابية ملهاة يصعب عليها أن تؤثر في واقع معقد من أهم معطياته: عدو قوي خارجي قوي هو إسرائيل، ثم عدو داخلي متربص هو إيران الرافضية، وتحديات دولية وإقليمية ومحلية تتطلب قدرة فائفة لحل كل المشكلات ذات الصلة.

فمجلس الشعب المصري لم يكن في يوم من الأيام صاحب قرار بدء الحرب أو إنهاء الحرب، ولم يكن في يوم من الأيام صاحب السياسة العامة للدولة ولا المراقب المحاسب لأداء السلطة التنفيذية، بل إنه بات الخادم المطيع لكل إملاءات وطلبات السلطة التنفيذية ! وإذا استمر مجلس الشعب ممارسا لنفس هذا الدور فإن وجوده وعدمه سواء من الناحية العملية والتطبيقية.

والحركة السلفية من أجل الإصلاح تأمل أن يدرك النظام الحالي ضخامة التبعة وعظم المسئولية، فإما أن يتنحى ليأتي الأكفاء ويرجعوا بمصر إلى الاستقرار على كل الأصعدة أو يقوموا هم بتغيير جذري لكل أوجه الحياة بشرط أن يكون التغيير مأخوذا كله من الشرع الإسلامي المطهر الذي هو دين الأغلبية في مصر، وتناشد الحركة السلفية المتنفذين في الحكم ليقوموا بهذا التغيير قبل أن يفوت الأوان.

الثالث: إن حالة الجمود السياسي ستظل مسيطرة على المشهد العام مادامت مصر لم تحسم رأيها في حاكمها المقبل، وما دام شعب مصر غير قادر على رسم سياسية الحكم في المرحلة المقبلة فإن كل تنبؤات المحللين ستظل قيد الانتظار حتى تفسح عنها ملامح وجه الحاكم القادم.

فملف تطبيق الشريعة الإسلامية في كل بنود الحياة سيظل موقوفا ما دامت كل مفاصل النظام الحالي تنافح سرا وجهرا حتى لا تقوم أي حكومة إسلامية على أرض مصر.

وملف الظلم والاعتقال والأداء المتعسف لأجهزة الأمن في مصر سيظل عالقا حتى إشعار آخر، لأن الإرهاصات كلها تشير إلى عدم وجود أي تغير بل أي نية في التغيير. وفي ضِمنه ملف تعاظم الدور المسيحي في أروقة الحكم المصري وفي ضمنه أيضا ملف الأسيرات المسلمات في سجون الكنائس المصرية الذي بات فضيحة عالمية وسوءة دولية لا يستحي النظام من انكشافها ! كما يأتي ملف تجفيف المنابع الدينية وإسكات صوت العلماء والدعاة الذين يجاهدون بالكلمة لتغيير الواقع الفاسد، ونستنكر جريمة اعتقال مئات الدعاة والشاب المسلم الحر الملتزم وخاصة اعتقال الأستاذ خالد حربي مدير المرصد الإسلامي لمقاومة التنصير على خلفية قضية الأسيرات المسلمات في الكنائس المصرية كون اعتقاله جاء في مرحلة حرجة تمر بها مصر قلت فيه الأصوات التي تدافع عن حقوق المسلمين في أرض أغلب سكانه من المسلمين!

ملف الحالة الاجتماعية لملايين الفقراء والعاطلين سيظل مفتوحا ولن يغلق إلا وجود حاكم نزيه يمارس سياسة اقتصادية شفافة في هذا البلد الذي أنهكته المحسوبية والرشوة.

والحركة السلفية من أجل الإصلاح لا زالت تلح على أهم مطلب وهو تطبيق الشريعة الإسلامية واستعادة نمط الحياة الإسلامية في كل المناشط السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وتعتبر هذا المطلب من آكد المسائل التي يجب أن تتوجه إليها أنظار السياسيين، بل هو المطلب الذي سينبني على تلبيته نجاح كل المحاولات لحل مشكلات الأمة.

الرابع: إن الحركة السلفية من أجل الإصلاح توجه أنظار المصلحين من كل التيارات (عموما) ومن التيار الإسلامي بكل أطيافه( على وجه الخصوص) إلى ضرورة استئناف مرحلة جديدة من التغيير قائمة على استنهاض الأمة بكل شرائحها لتعود عودة صادقة لدينها وتنصر شريعة الرحمن ودولة القرآن وسنة النبي صلى الله عليه وسلم، كما نص على ذلك إجماع العلماء في ضرورة وجود الإمام الذي يقيم حوزة الدين وينصر السنة ويرد الحقوق لأصحابها. وبسبيل هذا لابد من وقفة جادة تجاه حالة الاحتقان والاختلاف في الصف الإسلامي الذي استتبع هوانا وضعفا أدى إلى تمرد الوجود العلماني واحتكاره لدور القيادة في الأمة حتى باتت كل قضايا المسلمين رهن النظر والتخطيط والتنفيذ العلماني، وإنا لله وإنا إليه راجعون.

الخامس: تناشد الحركة السلفية من أجل الإصلاح علماء الأمة ومجاهديها أن يقوموا لله قومة صادقة في توجيه الأمة ودعم المخلصين من رجالات هذه الأمة العاملين في كل الحقول، كما تناشدهم ألا يقعوا أداة في أيدي أعدائها والمتربصين بها الدوائر ليستخدموا فتاواهم وعملياتهم الجهادية في تقويض النهضة الإسلامية التي تشارك فيها كل طوائف الأمة وجماعاتها، كما تناشد الحركة السلفية من أجل الإصلاح زعماء وقادة الجماعات الإسلامية أن يتضامنوا ويتحدوا للعمل لإعادة حكم الله عز وجل إلى حياة المسلمين وأن يستعلوا على خلافاتهم ويوجهوا طاقاتهم لمقاومة الزحف العلماني والتغريبي والإباحي والرافضي وغيره من صنوف الأخطار القريبة المحدقة بأمتنا الإسلامية.

السادس: تناشد الحركة السلفية من أجل الإصلاح رجال أهل الحل والعقد في الأمة من أصحاب الشوكة والمال والقوة والوجاهة والتمكين أن يكونوا نصراء لدين الله قائمين له بالحجة ساعين لشرعه بالرفعة مجاهدين في سبيل إعلاء كلمة الله في كل ميدان، كما تنشادهم أن يسخروا أموالهم وجاههم ومناصبهم وقوتهم في الدعوة إلى الله وإلى تطبيق شريعته.

وختاما تؤكد الحركة السلفية من أجل الإصلاح (حفص) على كل من يعمل لدين الله تعالى ألا يضع حول عنقه أغلالا ما أنزل الله بها من سلطان تقيد تحرُّكه لنصرة الدين، فكل الخيارات متاحة أمام المسلم لنصرة الدين ما دام الخيار غير مخالف لشرع الله تعالى، وأمامنا الكثير من الخيارات التي يجب أن نخوضها ونجربها لنعرف الصالح منها والفاسد، ويبقى أن نؤكد على ضرورة احترام توجيهات المرجعيات العلمية وآراء القادة والزعماء واختيار أقرب الفرص من شرع الله وأكثرها فائدة لدين الله وللأمة. سائلين الله تعالى أن يوفق جهود كل العاملين لهذا الدين إنه ولي ذلك والقادر عليه.

الأمين العام للحركة السلفية من أجل الإصلاح (حفص)

رضا أحمد صمدي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق