الثلاثاء، 1 فبراير 2011

بيان حول إتمام الأسبوع الأول من ثورة المصلين في ميدان التغيير

بسم الله الرحمن الرحيم
الحركة السلفية من أجل الإصلاح (حفص)

الثلاثاء 28 صفر 1432 هـ
1 فبراير 2011 م
رقم البيان 3332

بيان حول إتمام الأسبوع الأول من ثورة المصلين في
ميدان التغيير

الحمد لله الذي جعل الأيام بين الناس دُوَلا، وأصلي وأسلم على الثابت الصامد في ميادين البذل والصبر والتضحية محمدٍ: الرحمة المهداة البشير النذير وعلى آله الطيبين وأصحابه البررة الميامين ومن تبعهم جميعا بإحسان إلى يوم الدين، وبعد:

ففي هذا اليوم الأبلج بأنوار الشرف والكرامة يكتمل الأسبوع الأول من ثورة الراكعين الساجدين في ميدان التغيير الذي كان يُسمى زورا بميدان التحرير.
وبهذه المناسبة توجّه الحركة السلفية إلى عموم الأمة وخصوصها الرسائل التالية:

الرسالة الأولى: للشباب الأطهار ذوي الأيدي المتوضئة، نقول لهم: بارك الله فيكم وطبتم وطاب ممشاكم، قد قمت بالواجب وزيادة، وعلّمتم الأمة فنون الرّيادة، فجزاكم الله عنها خير الجزاء. فكل صور التضحية وكل مظاهر الشموخ رأيناها تتجلى في جهادكم ضد الطاغوت والظالم الفاجر حسني مبارك، ألا سَلِمَت كل شَفَة تُثْنِي عليكم، وفَلَجَ كل فَمٍ يعاديكم.
إن مَخايِل النصر التي رسمتموها في جبين الفجر الجديد لَهُوَ عز الدهر وفخر الزمان وحُقَّ لكم أن تحوزوه بحذافيره يا من أَسَلْتُم دماءكم لأجل أن تَبْزُغ شمس الحرية وأقمار الفضائل في سماءٍ ظالما تلبدت بغيوم الظلم وضباب المنافقين.
ونقول لكم أيها الشباب المصري الأبيّ: استمروا في ثورتكم وحافظوا عليها من المتسلقين واشكروا وليَّ نعمتكم وخالقكم الذي وفقكم لهذا، فحكّموا شرعه وأَعْلُوا كلمته وذبوا عن دينه وكونوا خير من يمثل هذا الإسلام الطاهر النقي العلي.
ليس الإسلام مهمة جماعة من الجماعات لِتُوَجَّه عليهم سهام التهم التي يعرفها من عاش حقبة الطاغية مبارك، فلم يعد لتهم التطرف والإرهاب أي محل من الإعراب بعد أن رأينا: مَن الذين يقتل الأبرياء ويهين المصلين ويمنع عباد الله من إظهار شعائر الدين، لقد صار الإسلام مسئولية الجميع، قال تعالى : ( وقفوهم إنهم مسئولون) ، وقال تعالى: ( وإنه لذكر لك ولقومك وسوف تُسألون ) .

الرسالة الثانية : لزبانية النظام البائد وأعضاء الحزب الوطني الغابر. لقد أجمع الشعب أمره واستوثق باطنه من ظاهره، وصدع بكلمته وقال لك: لا مكان لك يا مبارك بين الشرفاء بعد اليوم، وأعضاء حزبك الظالم الجائر لا مكان لهم بعد اليوم في الحكم والسياسة، كما أنه لا مكان لأي إنسان له علاقة بك من النظام البائد، ليس لكم إلا الخروج من أي شيء له علاقة بحكم البلاد، إنها قضية لن تقبل المساومة حتى لو حشدتم لها كل المعارضة واشريتم بها ما اشتريتم من الذمم، ولا نقول لكم إلا ما قال الله لفرعون الطاغية المعجب برأيه المحاد لآيات الله وعظاته: (قَالَ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا أَنزَلَ هَؤُلاء إِلاَّ رَبُّ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ بَصَائِرَ وَإِنِّي لأَظُنُّكَ يَا فِرْعَوْنُ مَثْبُوراً) أي هالكا.

الرسالة الثالثة: للشرفاء والأحرار الذين يحتفون بالطاغية مبارك الآن ويريدون أن يوجدوا مخرجا آمنا للبلاد ويجتهدون في التفكير لتنحٍّ مُشَرِّفٍ للطاغية مبارك؛ نقول لهم: لا تجهدوا أنفسكم في التفكير، فالشرعية الدستورية الآن في مهب الريح، والشعب هو الذي يعطي الشرعية لكل الأنظمة بمحض البيعة التي يعطيها لحاكمه ومتولي شئونه، وقد اجتمع أهل الحل والعقد وأكثرية الشعب بكل طوائفه وشرائحه على خلع البيعة من هذا الحاكم الفاجر، وقد حصل هذا قديما حين انقضت ثورة يوليو على الشرعية الملكية، وبقيت مصر تحت حكم الشرعية الثورية حتى تولي السادات الذي أعاد الشرعية الدستورية ولكن فرّغها قبل رحيله من أي معنى لها وجاء خليفته الطاغية مبارك وأجهز على بقية معالمها، فهذه الشرعية الدستورية التي أفرزت لنا طاغية يحكم بانتخابات مزورة منذ ثلاثين سنة، وبرلمان باطل يقنن قوانين باطلة منذ ثلاثين سنة؛ هذه الشرعية آن لها أن ترحل كلها عن بكرة أبيها، وتحل محلها الشرعية الثورية لشعب مسلم أظهر انتماءه الواضح للإسلام في ثورته ومرجعيته الناصعة في المصاحف التي رفعت بأيدي أبنائه المتوضئين، فليرحل مبارك وليُحل البرلمان وتستقيل الحكومة وليقم الجيش بواجبه في حفظ أمن البلاد في الداخل والخارج بل إننا ندعوه ليقاتل الفئة الباغية الظالمة فئة مبارك الطاغية، قال تعالى : ( فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله ) ، ولتقم حكومة انتقالية تعمل على الاستفتاء على دستور دائم للبلاد على إثرها تقوم انتخابات رئاسية وبرلمانية لتفرز لنا حكاما ينتمون لشعبهم ولثورته الميمونة.

الرسالة الرابعة: لأحزاب المعارضة بكل أنواعها وأطيافها، نناديكم أن اتقوا الله في أنفسكم، وقد رأيتم انتماء شعبكم، ورأيتم كيف قلب شنودة للمصريين ظهر المجن، ورأيتم من الذي أمدّ الثورة وأحياها، إنه لا خيار لكم إلا أن تصححوا كل اتجاهاتكم ومرجعياتكم لتتواءم مع اتجاه الشعب الواضح وانتمائه الناصع لدين الإسلام بما يتوافق مع التاريخ الحضاري لمصر والذي لا يمكن فصله بحال عن الشريعة الإسلامية وتاريخ المسلمين وحضارتهم، وإننا نأمل منكم أن تكونوا على قدر المسئولية في الدفع تجاه حكم إسلامي مسئول يحافظ على الحريات ويراعي الحقوق ويحفظ لكل ذي حق حقه، ونربأ بكم أن تكونوا أداة طيّعة وخيارا جديدا لأعداء الدين من الأمريكان واليهود بدعاوى المحافظة على الديمقراطية والحرية وحقوق المرأة والسلام الدولي ونحو ذلك من الأمور التي ستظهر سوقها بعد نجاح الثورة ويظهر من يتاجر بها على مسمع من النظام الدولي والأغرار من هذه الأمة ليكتسب أصواتا تدعم وصوله لكرسي الحكم، نربأ بأي مصري مسلم أن يرجع إلى هذ التجارة الخاسرة، وقد رأينا عُقبى هذه التجارة في مصير حسني مبارك ولو بعد حين. ونذكركم بقول الله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنفُسِكُمْ أَوْ الْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ إِنْ يَكُنْ غَنِيّاً أَوْ فَقِيراً فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً ).

الرسالة الخامسة: رسالة إلى أغنياء مصر وأثريائها أن ابذلوا في هذه الأيام وتصدقوا وأطعموا كل ما تستطيعون لسد الخلة وتسكين القلوب، فهذا والله يومكم، وهذه والله فرصتكم، إن غلاء الأسعار، وحالة الفوضى التي عمت بسبب جرائم النظام البائد قد تفضي إلى حاجة وعوز لا تسدها إلا معونة الله وعنايته ثم قيام الأغنياء بواجباتهم في الإنفاق والبذل، وستجدون عاقبة هذا في دنياكم وأخراكم، قال تعالى : ( فلا اقتحم العقبة وما أدراك ما العقبة فك رقبة أو إطعام في يوم ذي مسغبة يتيما ذا مقربة أو مسكينا ذا متربة ، ثم كان من الذين آمنوا وتوصوا بالصبر وتواصوا بالمرحمة أولئك أصحاب الميمنة) .

الرسالة السادسة: إلى العلماء والمفكرين والكتاب والأدباء والشعراء وذوي الرأي والتجربة والخبرة والحنكة والحكمة وأهل الحل والعقد في مصر الأبية، قد بدأ الآن دوركم في صياغة هذه الثورة في أدبيات مرموقة نخاطب بها العالم ونربي بها أجيالنا القادمة، جاء دوركم لتذكير الناس بالأصول والأولويات والمقاصد والاستحقاقات، ومن آكدها استحقاقات الشريعة الإسلامية التي أنزلها لنا خالقنا والتي مصر هبة من هباته ونعمة من نعمه التي يجب أن نشكره عليها ونقوم بما أمرنا تجاهها حين قال عز من قال: ( الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ولله عاقبة الأمور) وقوله عز وجل : ( وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنْ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ).
إن الكلام عن أي مكتسبات لهذه الثورة تغفل حقوق الرب على العباد سيكون بلا معنى، بل إن أي وجود على ظهر هذه البسيطة لا يقتبس من مشكاة النور الإلهي هو وجود مزيف مثل زيف النظام البائد الذي كان يقوده الطاغية مبارك والذي حاد به الله ورسوله وحارب المؤمنين وشعائر الدين، وإن أي محاولة لإعادة كل أو بعض تفاصيل هذا النظام في التعامل مع الشريعة الإسلامية سيكون مصيرها إلا ثورة أخرى حتى يرجع الناس إلى ربهم.

والرسالة السابعة والأخيرة بعدد أيام ثورة الغضب، ثورة المساجد، ثورة المصلين، ثورة المتوضئين نوجهها لبقايا النظام البائد من أصحاب المصالح وغيرهم، نقول لهم: إن لكم عندنا فرصة لتغيروا مجرى حياتكم، وتعترفوا بأخطائكم في اللغو والزور، ولنطْوِ معا صفحة الماضي ونبدأ صفحة المستقبل ملؤها العفو والمغفرة والجد في بناء الغد قال الله تعالى : ( ومن تاب فإنه يتوب إلى الله متابا، والذين لا يشهدون الزور وإذا مروا باللغو مروا كراما)، وإن أبيتم إلا أن تؤيدوا هذا النظام وفلوله وتحرضوا ضد الثورة وترموها بالأكاذيب وتجتروا كل مخازي النظام البائد مع أبناء الثورة المباركة فلن تجدوا من الشعب إلا الحزم والحسم، وقد أعذر من أنذر.

سلمكم الله يا شعب مصر وبارك فيكم وفي جهودكم وبلغكم منازل المجاهدين والشهداء الأبرار وجعل أعمالكم هذه في ميزان حسناتكم ووفقكم جميعا لما فيه عز الإسلام والمسلمين .
والحمد لله رب العالمين .

الأمين العام للحركة السلفية من أجل الإصلاح ( حفص )
رضا أحمد صمدي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق